بدعة التلقـُّب بالشريف وعدم مشروعية ذلك - الرد على الشيخ حاتم العوني

 

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى أتباعه أجمعين.

أولاً: تاريخ هذين اللقبين:

أول من تسمى بالشريف هم العباسيون، ومن ثم تبلور هذا الاسم وغيره في عصري كل من الدولة الفاطمية الباطنية في مصر والزيدية الشيعية في اليمن، وأصبح يطلق على ذريتي الحسن والحسين كي يستغل بعض أهل البيت السُذج من المسلمين ليحققوا بعض الأمور السياسية أو حتى الدينية. ففي القدم كان أهل البيت قلة ومعروفين. والكل على علم بما فعله الهالك يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي من نشر للمذهب التضليلي الزيدي ذو العرق المعتزلي البِدعي. قـال السيوطي: « لما ولي الفاطميون أمر مصر قصـروا اسم الشريف على ذرية الحسن والحسين فقط». وصار اليوم لقب "السيد" يطلق على من انتسب إلى الحسين t، و "الشريف" على من انتسب إلى الحسن t. إذاً فأصل هذين اللقبين ليس السلف الصالح أصحاب المنهج القويم بل هم أهل البدع والخرافات وما جاء من باطل فهو باطل لا محالة .

ثانياً: حكم التلقب بهذين اللقبين:

بعد أن علمنا ألا أصل شرعي في هذين اللقبين نأتي إلى نقدهما تحت ظل الشريعة الإسلامية. فالشريف من الشرف، وهو ذو المكانة. والسيد هو قائد القوم وزعيمهم والمقدم فيهم. وقد كان كبار القوم في الجاهلية يلقبون بهذه الألقاب كأشراف قريش وسادات تميم وغيرهما. فهل يجوز الفخر بالأحساب؟ وأي شريعة هذه التي تحكم على شخص بالشرف لأن أجداده كانوا أبناء أنبياء؟ إذاً فعلى هذا تكون ذرية إبراهيم عليه السلام أشراف كلهم، ولكنه تعالى يقول: {ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين}، وقد جاء في حديث عائشة t الذي أخرجه مسلم في الصحيح، قالت: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول الله r على الصفا، فقال: «يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم». ويقول الرسول r: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب». إذاً فالفخر بالحسب هو أمر مذموم شرعاً، فمن أين أتى حاتم العوني بالتأصيل الشرعي له؟ كل ما فعله هو ذكر فضائل أهل البيت، وفضلهم لا يعطيهم الحق بالتلقب بما لا يشرع. نعم، لقد قال النبي r في الحسن بن علي رضي الله عنهما: «إن ابني هذا سيد». ولكن لماذا؟ هو سيد لأنه حفيد خاتم الأنبياء؟ بل هو سيد لأن الله سيصلح على يديه بين طائفتين عظيمتين من المسلمين. هو سيد بعمله، لا بحسبه ولا بنسبه. جاء في لسان العرب لابن منظور (4|741): «وفي الحديث: "إن ابني هذا سيد"، قيل أراد به الحليم لأنه في تمامه "وأن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"». ولا يحق أبداً لذريته بتوارث لقب ليس ملكهم أصلاً. فهذا داخل بالتفاخر بالأحساب.

ثالثاً: موقف آل البيت من التفاخر بالنسب:

وكان أهل البيت في الماضي يأنفون من أن يفتخروا بنسبهم. وهذا سيدهم الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب يؤكد ذلك ويبين أن النسب لا ينفع. قال الزبير بن بكار: «كان الحسن بن الحسن وصي لأبيه، وولي صدقة علي بن أبي طالب في عصره". روى مصعب الزبيري في كتابه "نسب قريش" عن الفضيل بن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن قول لرجل يغلو فهم: «ويحكم! أحبونا لله! فإن أطعنا الله، فأحبونا، وإن عصينا الله، فأبغضونا! فلو كان الله نافعاً أحداً بقرابة من رسول الله r بغير طاعة، لنفع بذلك أباه وأمه! قولوا فينا الحق؛ فإنه أنفع فيما تريدون، ونحن نرضى به منكم». وروى أبو نعيم الأصبهاني في كتاب "الإمامة" من طريق شبابة عن الفضيل عن الحسن قال: «ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا. قال: فقال له الرجل: «إنكم قرابة رسول الله r، وأهل بيته». فقال: «ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسول الله r، بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا، أباه وأمه. والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين. والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين». قال المزي في تهذيب الكمال (6|88): «وهذا من أصح الأسانيد وأعلاها».

رابعاً: لفظ الشريف عند السلف:

لفظ "الشريف" لم يكن خاصاً -عند السلف- بالهاشميين. ومن أكثر من النظر في كتب الرجال جزم بذلك. وكان هذا اللفظ يطلق على كـل ماجد نبيل له شأن كريم الأصـل. قال ابن السكيت عن هـذا اللفظ : «ولا يكون إلا لمن له آبـاء يتقـدمونه في الشـرف». وكـان هـذا اللفظ لا يختص بقـوم دون قـوم ولا بقبيلة دون أخـرى، بل ربمـا أطلق على صاحب مزية إمـا نسبا أو علما أو جاهـا أو سلطانا ونحو ذلك؛ وإن كان إطلاقها على ذوي النسب الرفيـع أكثر وأشهـر كما قال جبلة بن الأيهـم:

تنصرت الأشراف من عـار لطمة *******وما كـان فيهـا لو صبرت لهـا ضرر

ففي القرون المفضلة لم يكن يطلق هذا اللقب عليهم، أي في عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم. وأقدم من وجدته يطلق هذا اللقب عليه بالشكل الاصطلاحي هما الأخوان الرافضيان الشريف الرضي و الشريف المرتضى. فجاء العبيديون الرافضة وقصروه على نسب الحسب والحسين فقط. ولا يزيد أهل البيت أو ينقصهم قدرهم، لفظة لم يتحلى بها سلفهم. وعلى العلوي أن  يكتفي بنسبه الحسني أو الحسيني، ولا يضع لفظاً لم يضعه سلفه الأخيار في القرون الثلاثة الأولى.

وتجد ذلك المعنى أيضاً مبثوثاً في الكتب والتصانيف. فقد ألف البلاذري كتاباً سمّـاه "أنسـاب الأشـراف". ومن نظر فيه فهم المراد بلفظ: "الشريف" عند المتقدمين. ولابن أبي الدنيا "الإشـراف في منازل الأشـراف". وللحسن بن عتيق القسطلاني كتاب عنوانه "الإشراف على مناقب الأشراف". و ليست هذه الكتب مقصورة على آل البيت النبوي فضلاً عن أن تكون مقصورة على ذرية علي أو الحسن و الحسين أو أحدهما. و تجد في "عيون الأخبار" : "أفعال من أفعال السادة والأشراف"، وعند ابن عبد ربه في "العقد الفريد": "مراثي الأشراف"، و "أشراف كتاب النبي r" ، "ونوكى الأشراف" ، "ومن حد من الأشراف". وهناك كتاب: "النكت الظراف فيمن ابتلي بالعاهات من الأشراف". وسرى هذا إلى بعض كتب الفقه، فتجد عند الأحناف مثلاً في: "باب التعزير" ذكر من كان له شرف، كالعلماء والفقهاء ونحوهم، وإن لم يكونوا من آل البييت النبوي. ونفذ ذلك أيضاً إلى علماء الجرح والتعديل، فإذا أرادوا تعديل رجل، قالوا في ضمن ألفاظ التعديل: "فلانٌ شريف"، أو "هو من أهل الشرف". قال شعبة : "حدثوا عن أهل الشرف فإنهم لا يكذبون". و قال أبو عثمان البرذعي: "سالت أبا زرعة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؟ فقال: رجلٌ شريف. وحدثني محمد بن إدريس، عن آخر، عن سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق، قال: قلت لابن أبي نجيح: ما تقول في عمرو بن شعيب؟ فقال: شريف. فقلت : ما تقول في عمرو بن سعيد؟ -هو الأشدق-. قال: رجلٌ شريف". وكان الأعمش إذا مدح شيوخه و أصحابه يقول: "كان أصحابي أشرافاً لا يكذبون" . وقال شعبة: "اكتبوا عن أبي أمية إسماعيل بن يعلى، فإنه رجلٌ شريف لا يكذب".

خامساً: أقوال العلماء:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (35|230): «إن تعليق الشرف في الدين بمجرد النسب هو حكم من أحكام الجاهلية الذين اتبعتهم عليه الرافضة وأشباههم من أهل الجهل. فإن الله تعالى قال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. وقال النبي r: "لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أبيض ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب". ولهذا ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحد بنسبه ولا يذم أحدا بنسبه، وإنما يمدح بالإيمان والتقوى ويذم بالكفر والفسوق والعصيان. وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: "أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يَدَعوهن: الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم". فجعل الفخر بالأحساب من أمور الجاهلية. فإذا كان المسلم لا فخر له على المسلم بكون أجداده لهم حسب شريف فكيف يكون لكافر من أهل الكتاب فخر على كافر من أهل الكتاب بكون أجداده كانوا مؤمنين؟ وإذا لم تكن مع التماثل في الدين فضيلة لأحد الفريقين على الآخرين في الدين لأجل النسب، عُلِم أنه لا فضل لمن كان من اليهود والنصارى آباؤه مؤمنين متمسكين بالكتاب الأول قبل النسخ والتبديل على من كان أبوه داخلا فيه بعد النسخ والتبديل. وإذا تماثل دينهما تماثل حكمهما في الدين. والشريعة إنما علقت بالنسب أحكاما مثل كون الخلافة من قريش وكون ذوى القرب لهم الخمس وتحريم الصدقة على آل محمد ونحو ذلك، لأن النسب الفاضل مظنة أن يكون أهله أفضل من غيرهم، كما قال النبي "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا". والمظنة تعلق الحكم بما إذا خفيت الحقيقة أو انتشرت، فأما إذا ظهر دين الرجل الذي به تتعلق الأحكام وعرف نوع دينه وقدره، لم يتعلق بنسبه الأحكام الدينية. ولهذا لم يكن لأبي لهب مزية على غيره لما عرف كفره كان أحق بالذم من غيره. ولهذا جعل لمن يأتي بفاحشة من أزواج النبي r ضعفين من العذاب كما جعل لمن يقنت منهن لله ورسوله أجرين من الثواب. فذوا الأنساب الفاضلة إذا أساؤا كانت إساءتهم أغلظ من إساءة غيرهم وعقوبتهم أشد عقوبة من غيرهم. فكفر من كفر من بني إسرائيل إن لم يكن أشد من كفر غيرهم وعقوبتهم أشد عقوبة من غيرهم، فلا أقل من المساواة بينهم. ولهذا لم يقل أحد من العلماء أن من كفر وفسق من قريش والعرب تخفف عنه العقوبة في الدنيا أو في الآخرة. بل إما أن تكون عقوبتهم أشد عقوبة من غيرهم في أشهر القولين، أو تكون عقوبتهم أغلظ في القول الآخر. لأن من أكرمه بنعمته ورفع قدره إذا قابل حقوقه بالمعاصي وقابل نعمه بالكفر كان أحق بالعقوبة ممن لم ينعم عليه كما أنعم عليه».

و قال في موضع آخر: «وقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال "اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله". ودين الإسلام إنما يفضل الإنسان بإيمانه وتقواه لا بآبائه ولو كانوا من بني هاشم أهل بيت النبي. فإن الله خلق الجنة لمن أطاعه وإن كان عبدا حبشيا وخلق النار لمن عصاه ولو كان شريفا قرشيا وقد قال الله تعالى {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وفى السنن عنه أنه قال "لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أبيض ولا لأبيض عل أسود إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب", وفي الصحيحين عنه أنه قال لقبيلة قريبة منه (قلت: هم آل أبي طالب): "إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي إنما وليي الله وصالح المؤمنين". فأخبر النبي أن موالاته ليست بالقرابة والنسب بل بالإيمان والتقوى. فإذا كان هذا في قرابة الرسول فكيف بقرابة جنكسخان الكافر المشرك؟ وقد أجمع المسلمون على أن من كان أعظم إيمانا وتقوى كان أفضل ممن هو دونه في الإيمان والتقوى وإن كان الأول أسود حبشيا والثاني علويا أو عباسيا».

و قال في المنهاج (4|376): «وأما أهل السنة فإنما يعظمون بالتقوى لا بمجرد النسب، قال تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم». و قال في كلام طويل في المنهاج (4|601): «وأما نفس القرابة فلم يعلق بها ثوابا ولا عقابا ولا مدح أحدا بمجرد ذلك. وهذا لا ينافى ما ذكرناه من أن بعض الأجناس والقبائل أفضل من بعض. فإن هذا التفضيل معناه كما قال النبي r: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا". فالأرض إذا كان فيها معدن ذهب ومعدن فضة كان معدن الذهب خيرا لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين فيه. فإن قدر أنه تعطل ولم يخرج ذهبا كان ما يخرج الفضة أفضل منه. فالعرب في الأجناس وقريش فيها ثم هاشم في قريش مظنة أن يكون فيهم من الخير أعظم مما يوجد في غيرهم. ولهذا كان في بني هاشم النبي r الذي لا يماثله أحد في قريش فضلا عن وجوده في سائر العرب وغير العرب وكان في قريش الخلفاء الراشدون وسائر العشرة وغيرهم ممن لا يوجد له نظير في العرب وغير العرب وكان في العرب من السابقين الأولين من لا يوجد له نظير في سائر الأجناس. فلا بد أن يوجد الصنف الأفضل مالا يوجد مثله في المفضول. وقد يوجد في المفضول ما يكون أفضل من كثير مما يوجد في الفاضل. كما أن الأنبياء الذين ليسوا من العرب، أفضل من العرب الذين ليسوا بأنبياء. والمؤمنون المتقون من غير قريش أفضل من القرشيين الذين ليسوا مثلهم في الإيمان والتقوى. وكذلك المؤمنون المتقون من قريش وغيرهم أفضل ممن ليس مثلهم في الإيمان والتقوى من بني هاشم. فهذا هو الأصل المعتبر في هذا الباب، دون من ألغى فضيلة الأنساب مطلقا، ودون من ظن أن الله تعالى يفضل الإنسان بنسبه على من هو مثله في الإيمان والتقوى فضلا عمن هو أظم إيمانا وتقوى. فكلا القولين خطأ وهما متقابلان. بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة وفضيلة لأجل المظنة والسبب والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية فالأول يفضل به لأنه سبب وعلامة ولأن الجملة أفضل من جملة تساويها في العدد والثاني يفضل به لأنه الحقيقة والغاية ولأن كل من كان أتقى لله كان أكرم عند الله والثواب من الله يقع على هذا لأن الحقيقة قد وجدت فلم يعلق الحكم بالمظنة ولأن الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه فلا يستدل بالأسباب والعلامات ولهذا كان رضا الله عن السابقين الأولين أفضل من الصلاة على آل محمد لأن ذلك إخبار برضا الله عنهم فالرضا قد حصل وهذا طلب وسؤال لما لم يحصل ومحمد صلى الله عليه وسلم قد أخبر الله عنه أنه يصلي عليه هو وملائكته بقوله إن الله وملائكته يصلون على النبي فلم تكن فضيلته بمجرد كون الأمة يصلون عليه بل بأن الله تعالى وملائكته يصلون عليه بخصوصه وإن كان الله وملائكته يصلون على المؤمنين عموما كما قال تعالى هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ويصلون على معلمي الناس الخير كما في الحديث إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير». وله كلام آخر في مواضع أخرى كثيرة و الله الموفق .

قال أبو حامد الحضرمي في جزء من حديثه: حدثنا محمد بن عمرو بن العباس قال سمعت ابن عيينة يقول: قال هارون أمير المؤمنين لأبي إسحاق الفزاري: «أيها الشيخ، إنك في موضع من العرب» (يشير إلى شرف نسبه) فقال : «إن ذلك لا يغني عني من الله يوم القيامة شيئا».

وقد سُئِل الشيخ عبد الله بن جبرين: "ما حكم قول عبارة <السيد> لمن ثبت لدينا نسبه إلى آل البيت الأطهار"؟ فأجاب: «أرى أنه لا يصح إطلاق هذه اللفظة على كل هاشمي أو مُطَلِبيَ وذلك لان نسبهم قد بعد كثيراً عن النبي r وقد تكاثر عددهم. وقد علم أن فيهم المطيع والعاصي والبر والفاجر كما هو الواقع غالباً في أكثر القبائل. ولفظ السيادة يقتضي التعظيم والتفضيل والولاية والاحترام. ولا يصح ذلك لكل أحد منهم. وقد ثبت عن الإمام موسى الكاظم رحمه الله انه قال بما معناه" "إن من كان تقياً مؤمناً فهو ولي الله ولو كان عبداً حبشياً، ومن كان عاصياً فاسقاً فهو عدو الله ولو كان شريفاً قرشياً"».

سادساً: خاتمة:

والعجيب أن الشيخ حاتم العوني، مع تخصيصه للقب شريف بذرية الحسن والحسين، فهو دوماً ما يتلقب بالشريف حاتم، مع أنه ليس هاشمياً، وإنما عوني أي ينتمي لرجل يسمى جدعون. وجدعون هذا رجل تركي ينحدر من أم يهودية، ويزعم الانتماء إلى رجل هاشمي منفي في تركيا اسمه محسن، لكن هذا الادعاء لم يكن صحيحاً. وقام أعضاء المحفل الماسوني بالضغط على السلطان لتعيينه حاكماً لمكة، وهناك تلقب بالشريف عون. لكن ما لبث السلطان عبد الحميد أن عزله بعد أن ثبت أنه كان يقوم بسرقة قوافل الحج والاعتداء على النساء، وفرض الإتاوات على أهل الحجاز وتحويل مكة المكرمة إلى وكر للدعارة. وقد وجه الخليفة جيشاً جراراً إلى الحجاز قام بمطاردة عون وعصابته، وتم إلقاء القبض على عون وتسفيره إلى اسطنبول، إلى أن قام ضباط حزب الاتحاد والترقي التركي (وأكثرهم من اليهود) بانقلابهم العسكري، وأرجعوا عائلة عون إلى الحجاز، وعينوا حفيده حسين بن علي أميراً على مكة. هذا والله أعلم.