حديث الثقلين

حديث جابر بن عبد الله

وجميع رواياته أنه في خطبة يوم عرفة.

أخرج مسلم في صحيحه (2\890 #1218) والنسائي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم: من طريق حاتم بن إسماعيل المدني (الكوفي، جيد) قال حدثنا جعفر (الصادق، ثقة) بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه (الباقر، ثقة) قال دخلنا على جابر بن عبد الله... وفيه: «وقد تركتُ فيكم ما لن تضِلّوا بعدَهُ إن اعتصَمتُم بهِ: كتابُ الله. وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟». قالوا: «نشهد أنك قدبلّغت وأدّيت ونصحت». فقال بإصبعه السبابة –يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس–:«اللهم اشهد اللهم اشهد» ثلاث مرات.

ورواه زيد بن الحسن الأنماطي (كوفي منكر الحديث) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال فيه: «أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي». أخرجه الترمذي (5\662) وقال: «وهذا حديث غريب (أي ضعيف جداً) من هذا الوجه». وهو كما قال، فإن زيد بن الحسن، عدا كونه منكر الحديث، فإنه خالف الثقات في هذا اللفظ. والصواب هو ذكر كتاب الله وحده.

حديث زيد بن أرقم

أخرج مسلم في صحيحه (4\1873 #2408): من طريق إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية، ثقة ثبت) عن أبي حيان التيمي (ثقة متفق عليه) قال حدثني يزيد بن حيان التيمي (فيه توثيق) قال: انطلقت أنا و حُصَيْنُ بن سَبْرَةَوعمر بن مسلم إلى زيد بن أَرْقَمَ.فلما جلسنا إليه، قال له حُصين: «لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً. رأيتَ رسول الله r وسمعت حديثه وغَزَوت معه وصليت معه. لقد رأيت يا زيد خيراً كثيراً. حدِّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله r». فقال: «يا ابن أخي. والله لقد كَبُرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عهدي، ونسيتُ بعض الذي كنت أعي من رسول الله r. فما حدثتكم فاقبلوه. وما لا، فلا تُكَلِّفُونِيهِ». ثم قال: قام رسول الله r يوماً خطيباً فينا بماءٍ يُدعى خُمًّا بين مكة والمدينة. فحمِد الله تعالى وأثنى عليه، ووعظ وذَكَّرَ. ثم قال: «أما بعد. ألا يا أيها الناس إنما أنا بَشَرٌ يوشك أن يأتيني رسول ربي –عز وجل– فأُجيب. وإني تاركٌ فيكم ثَقَلَين. أولهما: كتاب الله –عز وجل– فيه الهدى والنور. فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به». فَحَثَّ على كتاب الله ورَغَّبَفيه. قال: «وأهلُ بيتي. أُذَكِّرُكُمْاللهَ في أهلِ بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي». فقال له حصين: «ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نِساؤهُ من أهل بيته؟». قال: «إن نساءَهُ من أهل بيته. ولكنّ أهلَ بيته مَن حُرِمَ الصدقة بعدَه». قال: «ومن هم؟». قال: «هم آل علي، وآل عَقِيل، وآل جعفر، وآل عباس». قال: « أَكُلُّ هؤلاء حُرِمَالصدقة؟». قال: «نعم».

وقد جاء هذا الحديث من طريقٍ مختصَرٍ جداً، لكنه يشهد للحديث السابق. وهو ما رواه أحمد في مسنده (4\371) وفضائل الصحابة (2\572) من طريق إسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة قال: لقيتُ زيد بن أرقم وهو داخلٌ على المختار (زعيم شيعي ادعى نزول الوحي عليه) أو خارجٌ من عنده. فقلت له: «أسمعتَ رسول الله r يقول: "إني تاركٌ فيكم الثَّقَلَيْنِ"؟». قال: «نعم». وإسناده جيد يشهد للحديث الذي أخرجه مسلم.

قلت: والحديث لم يعجب الشيعة بهذه الصيغة لأنه ليس بحجة لهم. فوضعوا حديثاً محرفاً عنه، وفيه أن العترة لن تفترق عن الكتاب حتى ترد على الحوض! قال شيخ الإسلام عن هذا الحديث في منهاج السنة النبوية (7\318): «وهذا مما انفرد به مسلم، ولم يروه البخاري. وقد رواه الترمذي وزاد فيه: "وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض". وقد طعن غير واحدٍ من الحفاظ في هذه الزيادة، وقال: إنها ليست من الحديث».

وقال كذلك في منهاج السنة (7\394): «وأما قوله: "وعترتي أهل بيتي" و "أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"، فهذا رواه الترمذي. وقد سُئِل عنه أحمد بن حنبل فضعّفه. وضعّفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح. وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة».

والذي أخرجه الترمذي في سننه (5\663): حدثنا علي بن المنذر كوفي حدثنا محمد بن فضيل (شيعي محترق) قال: حدثنا الأعمش (مدلّس) عن عطية (كوفي ضعيف) عن أبي سعيد، والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت (كثير التدليس) عن زيد بن أرقم، قالا: قال رسول الله r: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي. ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. فانظروا كيف تخلفوني فيهما». وهذا ضعفه الترمذي فقال عنه: «حديث حسن غريب».

عطية سيأتي الحديث عن ضعفه. أما ما رواه الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد، فهو منقطع. وحبيب مدلس مشهور لم يبين سماعه من زيد في كل طرق الحديث. قال عنه ابن حجر في التقريب: «كان كثير الإرسال والتدليس». وجعله في المرتبة الثالثة في "طبقات المدلسين" (ص37)، وهي التي لا يحتج بصاحبها حتى يصرح بالتحديث. وقد وصفه بالتدليس الدارقطني وابن خزيمة وابن حبان. بل اعترف بذلك بنفسه فقال للأعمش: «لو أن رجلاً حدثني عنك، ما باليت أن رويته عنك» يعني: وأسقطته من الوسط. وقال ابن المديني عنه: «لقي ابن عباس وسمع من عائشة. ولم يسمع من غيرهما من الصحابة رضي الله عنهم». فالحديث منقطعٌ يقيناً، ولا يصح.

وقد أضاف بعض الرواة واسطة بين حبيب وزيد. النسائي في السنن الكبرى (5\45) وفي فضائل الصحابة (1\15) والحاكم في المستدرك (3\118): من طريق يحيى بن حماد (ثقة عابد) قال ثنا أبو عوانة (ثقة ثبت) عن سليمان الأعمش قال ثنا حبيب بن أبي ثابت (منقطعاً) عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله r عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقمن. ثم قال: «كأني قد دعيت فأجبت. إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما. فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض». ثم قال: «إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن». ثم أخذ بيدي علي فقال: «من كنت وليه فهذا وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه». فقلت لزيد: سمعته من رسول الله r؟ قال: ما كان في الدوحات رجل إلا رآه بعينه وسمعه بإذنه. قلت: وهذا أيضاً منقطع، فإن حبيب كثير التدليس، ولم يصرح بالتحديث في أي من طرق الحديث، عدا أنه لم يسمع من أبي طفيل أصلاً.

وقد جاء خلاف ذلك من حديث ابن أبي ثابت. فقد أخرج الطبراني في الكبير (5\171) والحاكم في المستدرك (3\613): من طريق أبي نُعَيم (ثقة ثبت) ثنا كامل أبو العلاء (صدوق يخطئ) قال سمعت حبيب بن أبي ثابت يخبر عن يحيى بن جعدة (ثقة) عن زيد بن أرقم t قال: خرجنا مع رسول الله r حتى انتهينا إلى غدير خم. فأمر بروحٍ، فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه. فحمد الله وأثنى عليه، وقال: «يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله. وإني أوشك أن أدعى فأجيب. وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده: كتاب الله». ثم قام فأخذ بيد علي t فقال: «يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟». قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟». قالوا: بلى. قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه». قلت: وهذا ألفاظه أقرب للصواب.

وزعم الحاكم أن للحديث السابق شاهداً أخرجه في مستدركه (3\118): من طريق محمد بن سلمة بن كهيل (واهي الحديث) عن أبيه (منقطعاً) عن أبي الطفيل بن واثلة أنه سمع زيد بن أرقم t يقول: نزل رسول الله r بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام. فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية. فصلى ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، فقال ما شاء الله أن يقول. ثم قال: «أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما: وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي». ثم قال: «أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» ثلاث مرات. قالوا: نعم. فقال رسول الله r: «من كنت مولاه فعلي مولاه».

وهذا حديث لم يصح. فإن محمد بن سلمة شيعي واهي الحديث كما أثبت العقيلي في ضعفائه (4\79) وابن عدي في الكامل (6\216). وليس فيه توثيق ولا روى له أحدٌ من أصحاب الكتب الستة، فكيف يدعي الحاكم أن الحديث صحيحٌ على شرط الشيخين؟! وسلمة اتهمه بالتشيع كذلك أبو داود ويعقوب بن شيبة والعجلي. وقال ابن المديني في "العلل": «لم يلق سلمة أحداً من الصحابة إلا جندباً و أبا جحيفة». فالحديث منقطعٌ إذاً، وفيه ضعيف.

وقد روى الطبراني في الكبير (5\166) (3\66) من طريق حكيم بن جبير (شيعي كذاب) عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: نزل النبي r يوم الجحفة ثم أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي قبله. وإني أوشك أن أدعى فأجيب. فما أنتم قائلون؟». قالوا: نصحت. قال: «أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث بعد الموت حق؟». قالوا: نشهد. قال فرفع يديه فوضعهما على صدره ثم قال: «وأنا أشهد معكم». ثم قال: «ألا تسمعون؟». قالوا: نعم. قال: «فإني فرطكم على الحوض. وأنتم واردون علي الحوض. وإن عرضه أبعد ما بين صنعاء وبصرى. فيه أقداح عدد النجوم من فضة. فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين». فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا. والآخر عترتي. وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. وسألت ذلك لهما ربي. فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم». ثم أخذ بيد علي فقال: «من كنت أولى به من نفسي فعلي وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه». قلت: وهذا الحديث بهذا اللفظ موضوع كما ترى.

وروى الطبراني في الكبير (5\ #4980،4981) من طرق عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله r: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي. وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض». وهذا إسنادٌ كوفي. وأبو الضحى توفي سنة 100هـ، فيما أن زيد بن أرقم توفي سنة 65هـ (على قول ابن حبان)، ولا نعلم لأبي ضحى سماعاً منه.

ونلاحظ أن الحديث الذي في صحيح مسلم لم يأمر بالتمسك بالثقلين الكتاب و أهل البيت، إنما خص التمسك فقط بالكتاب و أن فيه الهدى و النور. ثم وصى بأهل البيت. و المراد رعايتهم و إعطاؤهم حقوقهم و إكرامهم لمكانتهم من النبي r. و هذا مما يشير إلى خطأ بعض الرواة في اللفظ، فظن أن التمسك بالثقلين، فرواه باللفظ الآخر: تركت فيهم أمرين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا.. الحديث. و مما يدل على نكارة لفظه: حديث جابر في صحيح مسلم أيضاً، حيث لم يذكر به إلا كتاب الله وحده.

فالحديث مما يحتج به الرافضة، و قد تأوله بعض العلماء بتأويلات بعيدة عن الصواب، فقال بعضهم المراد بالعترة الأتباع، و هذا خلاف المعروف لغة و استعمالا، مع أن في طرقه التصريح بأنهم أهل البيت. فالصواب أن الحديث لا يصح. و هو منكَرٌ مخالف للأحاديث المصرحة بل الآيات التي ترد التنازع و تجعل الهداية في كتاب الله و سنة رسوله. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء:59).

وقد وجدت بعض الباحثين قد طعن في صحة الحديث من أصله، لأن كل الذين رووا هذه الأحاديث عنه، إنما رووها في آخر حياته. وقد اعترف بنفسه بضعف حافظته في آخر عمره، وأقر بنسيان الكثير مما كان حفظه. والصحابة عدولٌ كلهم بلا ريب، وخاصة زيد هذا لما عُرفَ عنه صدقه. ولكن الصحابي غير معصومٍ عن الغلط والنسيان. ولا يمكن إعلال الحديث بذلك إلا بدليل واضح. والدليل الذي استدلوا به هو اعترافه كما في صحيح مسلم: «يا ابن أخي. والله لقد كَبُرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عهدي، ونسيتُ بعض الذي كنت أعي من رسول الله r. فما حدثتكم فاقبلوه. وما لا، فلا تُكَلِّفُونِيهِ». وكذلك ما رواه ابن ماجة وغيره من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال قلنا لزيد بن أرقم: حدِّثنا عن رسول الله r. قال: «كبِرنا ونسينا، والحديث عن رسول الله r شديد». قال البوصري في مصباح الزجاجة (1\8): «هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات محتج بهم في الكتب الستة». على أن أحداً من المتقدمين أعل الحديث بمثل هذا. ويكفينا التسليم بما صححه الإمام مسلم.

قال شيخ الإسلام منهاج السنة النبوية (7\318): «والحديث الذي في مسلم –إذا كان النبي r قد قاله– فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله. وهذا أمرٌ قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك. وهو لم يأمر باتباع العترة، لكن قال "أذكّركم الله في أهل بيتي". وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم والامتناع من ظلمهم. وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خم. فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمرٌ يشرع نزل إذ ذاك، لا في حق علي ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها. وليس هذا من خصائص علي بل هو مساوٍ لجميع أهل البيت: علي وجعفر وعقيل وآل العباس. وأبعد الناس عن هذه الوصيّة الرافضة! فإنهم –من شؤمهم– يعادون العباس وذريته. بل يعادون جمهور أهل بيت النبي r ويعينون الكفار عليهم، كما أعانوا التتار على الخلفاء من بني العباس. فهم يعاونون الكفار ويعادون أهل البيت. وأما أهل السنة فيعرفون حقوق أهل البيت ويحبونهم ويوالونهم ويلعنون من ينصب لهم العداوة».

حديث أبي سعيد الخدري

وجميع رواياته لم يذكرفيها أنها في عرفة ولا ماء خم.

رواه في مسند أحمد (3\26) عبد الملك بن أبي سليمان (ثقة) عن عطية بن سعد العوفي (كوفي ضعيف) عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به، لن تضلوا بعدي: الثقلين، –أحدهما أكبر من الآخر– كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي. ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض».

ورواه (3\17) محمد بن طلحة (كوفي لين) عن الأعمش (مدلس) عن عطية بن سعد العوفي (كوفي ضعيف) عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. فانظروا كيف تخلفوني فيهم».

والملاحظ أن غالب رواة طرق هذا الحديث كوفيون. وفي "المنتخب من علل الخلال (ص206): قال (الأثرم): وحدّثنا (الإمام أحمد) بحديث عبد الملك عن عطيّة عن أبي سعيد عن النبي r: «إنّي تركتُ فيكم الثقلين». فلمّا فرغ منه قال: «أحاديث الكوفيين هذه مناكير». اهـ. والحديث قد ذكره ابن الجوزي في الأحاديث الواهية (1\432).

حديث زيد بن ثابت

وجميع رواياته لميذكر فيها أنها في عرفة ولا ماء خم.

رواه في مسند أحمد (5\181) شريك (بن عبد الله، جيد) عن الركين بن الربيع (كوفي ثقة) عن القاسم بن حسان (مستور) عن زيد بنثابت مرفوعاً: «إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وإنهما يردان علي الحوض».

والقاسم بن حسان لم يذكره البخاري في التاريخ الكبير (7\161) إلا بقوله: «القاسم بن حسان» مما يعني حدوث سقط في الكتاب. إذ أن البخاري يذكر على الأقل من روى عنه، وعن من. وقد ذكر المنذري أن البخاري قال: «القاسم بن حسان، سمع من زيد، بن ثابت. وعن عمّه عبد الرحمن بن حرملة، وروى عنه الركين بن الربيع. لم يصح حديثه في الكوفيين». وهذا هو الأشبه، ولذلك لم يعتد العلماء بتعديل أحمد بن صالح المصري له، لما عرف به من تساهل في توثيق مجاهيل التابعين. وقال الذهبي في ترجمته ميزان الاعتدال (5\448): «قال البخاري: "حديثه منكر، ولا يُعرف"». ولذلك قال ابن القطان: «لا يُعرف حاله». ولخص ابن حجر حاله بقوله في  تقريب التهذيب (1\449): «مقبول»، أي عند المتابعة كما هو اصطلاحه، وهنا قد تفرد به. فالحديث ضعيف لجهالة القاسم بن حسان، ولأن سماعه من زيد بن ثابت شكك به ابن حبان، ولما نص عليه البخاري من بطلان للحديث.

حديث أبي ذر الغفاري

وسُئِلَ الدارقطني عن حديث حنش (ضعيف) عن أبي ذر عن النبي r: «أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي. ولن يتفرقا حتى يرِدا على الحوض. ومثلها مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا». فقال في العلل (6\236): «يرويه أبو إسحاق السبيعي عن حنش. قال ذلك الأعمش ويونس بن أبي إسحاق ومفضل بن صالح. وخالفهم إسرائيل، فرواه عن أبي إسحاق عن رجل (مجهول) عن حنش. والقول عندي قول إسرائيل».

فقد رجح الدارقطني أن في الإسناد رجل مجهول، فالحديث لا يصح.

حديث حذيفة بن أسيد

روى الطبراني في المعجم الكبير (3\67) (3\180) من طريق: زيد بن الحسن الأنماطي (كوفي منكر الحديث) ثنا معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري أن رسول الله r قال: «وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض». قلت: وهذا موضوع كما ترى.

حديث أبي هريرة وابن عباس

وقد جاء من حديث ابن عباس من طريق العقيلي عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً: «تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا: كتاب الله وسنة نبيه». وهذا وهم فيه أبي أويس. وقد صححه الحاكم واستشهد له بحديث عن أبي هريرة، هو من منكرات صالح بن موسى. والحديث قد ذكره الإمام مالك في بلاغاته في الموطأ، والظاهر أنه جعله بلاغاً لكراهته لذكر عكرمة.

حديث ابن عمر

روى عبد بن حميد في مسنده (2\477) في ذكر خطبة عرفة: حدثني بن أبي شيبة ثنا زيد بن حباب العكلي ثنا موسى بن عبيدة قال حدثني صدقة بن يسار عن ابن عمر مرفوعاً: «...قد تركت فيكم ما إذا اعتصمتم به لن تضلوا كتاب الله». وهذا يشهد للحديث في صحيح مسلم. وليس فيه ذكر لأهل البيت.

حديث علي

قال إسحاق: أنا أبو عامر العقدي، عن كثير بن زيد (ضعيف)، عن محمد بن عمر بن علي (مجهول)، عن أبيه (مجهول)، عن علي، قال: إن النبي r حضر الشجرة بخم، ثم خرج آخذاً بيد علي قال: «ألستم تشهدون أن الله ربكم ؟ » قالوا: بلى. قال: «ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأن الله ورسوله أولياؤكم؟» فقالوا: بلى. قال: «فمن كان الله ورسوله مولاه، فإن هذا مولاه. وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله سببه بيده، وسببه بأيديكم، وأهل بيتي». وهذا حديث باطل سنداً ومتناً كما ترى.