نسبه
الإمام مسلم عربي أصيل من بني قشير، وهو ليس من الموالي كما يعتقد بعض طلبة العلم اليوم.
شرط الإمام مسلم
قسم الإمام مسلم مجموع ما أُسند إلى رسول الله
r إلى ثلاثة أقسام:
1- روايات الحفاظ المتقنين وقد التزم بتخريج رواياتهم.
2- من ليس موصوفا بالحفظ والإتقان ممن يشملهم اسم الستر والصدق. فهؤلاء يتبع رواياتهم
أهل القسم الأول.
3- المتهمون بوضع الحديث ومن الغالب على حديثه المنكر أو الغلط، فهؤلاء يمسك عن حديثهم.
وقد بنى مسلم صحيحه بناءً على القسم الأول في الأصول، ثم قد يتبع الحديث بشواهد من
القسم الثاني. أما القسم الثالث فلم يذكره في كتابه.
وقد تحدث الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة" (ص150) عن "معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم". قال: «ولنوضح ذلك بمثال، وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها وتفاوت. فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري. والطبقة الثانية شاركت الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان وبين طول الملازمة للزهري، حتى كان فيهم من يُزامله في السفر ويُلازمه في الحضر، والطبقة الثانية لم تلازم الزهري إلا مدة يسيرة فلم تمارس حديثه، وكانوا في الإتقان دون الطبقة الأولى، وهم شرط مسلم. والطبقة الثالثة: جماعة لزموا الزهري مثل أهل الطبقة الأولى، غير أنهم لم يسلموا من غوائل الجرح، فهم بين الرد والقبول، وهو شرط أبي داود والنسائي».
فائدة: نقل مسلم في مقدمة صحيحه الإجماع على أن الإسناد المعنعن -السالم صاحبه من
وصمة التدليس- له حكم الاتصال إذا تعاصر المعنعِن والمعنعَن عنه، وإن لم يثبت اجتماعهما
-أي إذا أمكن اللقاء فحسب- بشرط أن لا تكون هناك أي قرينة على عدم التقائهما. وهذا
إجماع صحيح، ولم تثبت مخالفة البخاري وابن المديني له، كما توهم بعض العلماء.
بيان اعتماد مسلم على البخاري وأحمد
قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: «لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء». وقال أيضاً: «إنما أخذ مسلم كتاب البخاري فعمل فيه مستخرجاً وزاد فيه أحاديث». وقال الحاكم أبو أحمد: «رحم الله محمد بن إسماعيل الإمام، فإنه الذي ألف الأصول وبَيَّن للناس. وكُلُّ من عَمِلَ من بعده، فإنما أخذه من كتابه. كمسلم، فرق كتابه في كتابه، وتجلَّد فيه حق الجلادة، حيث لم ينسبه إليه». و انظر هدي الساري مقدمة فتح الباري (ص514).
لقد استفاد الإمام مسلم الكثير من الإمام البخاري فقد سار على طريقة البخاري في إفراد الأحاديث الصحيحة المسندة دون غيرها، في صحيحه. ولم يكن الإمام مسلم مجرد مقلد للإمام البخاري، بل كان إماماً مجتهداً له آراؤه الخاصة في التصحيح والتعليل والتجريح والتعديل. فنراه في صحيحه يخرج لرواة تركهم البخاري، ويصحح أحاديث أعلها البخاري، ويعل أحاديث صححها البخاري، ويترك رواة روى لهم البخاري. كما استفاد منه في كتابه الكنى.
(المزيد من الكلام عن أحمد)
مسلم لا يحتج بالوحدان
ليس في صحيح مسلم حديث أصل من رواية من ليس له إلا راو واحد أبداً. وليس في صحيح البخاري إلى حديث واحد عن تابعية من الوحدان.
منهج مسلم في ترتيب صحيحه
من عادة مسلم أن يرتب الروايات في كل باب بحسب صحتها. فيبدأ بأصح العبارات لفظاً وسنداً، ثم يتبعها بالروايات الأخرى التي تشهد لها. وقد تكون تلك الشواهد صحيحة لكن من مخارج أخرى (كاختلاف الصحابي)، أو تكون حسنة الإسناد (كرواية المستور والليّن)، أو تكون ضعيفة ذكرها مسلم للتنبيه عليها (وهذا قليل). وأحياناً يذكر الإسناد فقط ويقول "بنحوه"، ويكون هناك اختلاف طفيف في اللفظ، أو يكون هناك اختصار وإجمال، لكن تبينه الرواية المتقدمة الصحيحة.
قال المعلمي في "الأنوار الكاشفة" (ص23): «من عادة مسلم في صحيحه أنه عند سياق الروايات
المتفقة في الجملة يقدم الأصح فالأصح. فقد يقع في الرواية المؤخرة إجمال أو خطأ تبينه
الرواية المقدمة في ذاك الموضع». وقال: «عادة مسلم أن يرتب روايات الحديث بحسب قوتها:
يُقدّم الأصح فالأصح»
تبويب صحيح مسلم ليس من صنعه
لم يقم مسلم بكتابة عناوين أبواب صحيحه بنفسه كما فعل ذلك غيره. والعناوين التي
نعرفها إنما وضعها النووي أو جمعها من علماء قبله.