فوائد وأقوال ومنوعات

بسم الله الرحمن الرحيم

ما هي البلاغة؟

قال خالد بن صفوان لرجل كثر كلامه: «إن البلاغة ليست بكثرة الكلام، ولا بخفة اللسان، ولا بكثرة الهذيان. ولكنها إصابة المعنى، والقصد إلى الحجة». وقيل لأعرابي: ما البلاغة؟ فقال: «لمحة دالة على ما في الضمير». وقيل لبشر بن مالك: ما البلاغة؟ فقال: «التقريب من البغية، والتباعد من حشو الكلام، ودلالة بالقليل على الكثير». وسئل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما البلاغة؟ فقال: «القصد إلى عين الحجة بقليل اللفظ». وقد سئل بعضهم: ما البلاغة؟ فأجاب: «هي الإيجاز. وإنما سمي البليغ لأنه يبلغ حاجته بأهون سعيه». وقد أطال ربيعة الرأي مرة في كلامه، فقال لأعرابي عنده: «ما العي عندكم؟». قال: «ما كنتَ فيه منذ اليوم!».

 

تقصير علماء الدين في العلوم الدنيوية عيب كبير

قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (5|502): «وكم يخفى على الفقهاء والحكام الحق في كثير من المسائل بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة. فينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الإطلاع على العلوم ما أمكنهم ذلك. فلم أر في عيوب الناس عيباً، كنقص القادرين على التمام». وقال الشافعي: «ما وجدت بعد علم الكتاب والسنة أنبل من الطب، إلا أن أهل الكتاب غلبونا عليه». وقال حرملة: «كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب ويقول: ضيعوا ثلث العلم».
 

تسامح الصحابة في الفقه وبعدهم عن الغلو والتشدد

أخرج الدارمي في سننه (1|63)، وابن أبي شيبة في مصنفه (7|228)، وابن سعد في طبقاته (7|220): عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: «أدركت من أصحاب رسول الله (r)، أكثر ممن سبقني منهم. فلم أر قوماً أهون سيرةً ولا أقل تشديداً منهم». وصح عن ابن مسعود t قال: «إن مُحَرِّمَ الحلال كمستحل الحرام». رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

 

خطأ شائع عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

المروي أن الرسول r توفي في يوم الاثنين 12\3\11هـ، أي في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة للهجرة. وفيه خلاف، ولكن هذا التاريخ هو المشهور. ولكن هذا التاريخ لا يمكن أن يتوفى فيه الرسول r. لماذا؟ قال ابن حجر فيما معناه: أنه من الثابت المتواتر في حجة الوداع وقوف الرسول r بعرفة يوم الجمعة أي أن يوم (9\12\10هـ) هو يوم الجمعة. ومن الثابت أن وفاته كانت يوم الاثنين، وهذا لا جدال فيه. وردت في صحيح البخاري وغيره. وبحساب الشهور القمرية بعد حجة الوداع –وهي التي عاشها الرسول r– (ذي الحجة ومحرم وصفر) سواء أكانت جميعها نواقص أو أن جميعها كوامل أو أن بعضها نواقص وبعضها كوامل، لا يمكن أن يأتي يوم الاثنين هو يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول (إذا ما انطلقنا من أن يوم عرفة في حجة الوداع هو يوم الجمعة).

ولذلك فإن التاريخ الصحيح لوفاته هي يوم الاثنين الثاني شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة. وتصحّفت كلمة "شهر" من الكتَّاب إلى "عشر" فوقع الخطأ. والله أعلم. ومعلوم أن شهر ربيع الأول في ذلك العام يبدأ يوم الثلاثاء 26 أيّار 632 م. فيكون يوم وفاة النبي r هو يوم الاثنين 8 حزيران 631 م الموافق لـ14 ربيع الأول 11 هـ.

 

خطأ شائع عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم

هناك خلاف كبير بين علماء السيرة حول مولد النبي r. ولعل أكثرهم وجمهورهم (إن لم يكن كلهم) على أن ذلك حدث يوم الاثنين في شهر ربيع الأول  في سنة 571 ميلادية. والحسابات الفلكية تشير إلى أن يوم الأحد 12 نيسان 571م هو الأول من شهر ربيع الأول سنة 53 قبل الهجرة. أي أن ثاني اثنين في شهر ربيع الأول من ذلك العام هو 9 ربيع الأول سنة 53 قبل الهجرة، ويوافق الاثنين 20 نيسان 571م. ولا يمكن أن يكون هو  الثامن من ربيع الأول (كما شاع عند من يقيمون الموالد)، لأن ذلك يقابل يوم الأحد. قال الشيخ شمس الدين بن سالم في كتابه الجفر الكبير: «وقد صح أن النبي ولد في شهر ربيع الأول في العشرين من نيسان عام الفيل».

 

همزتي الوصل والقطع

يختلط على كثير من الأشخاص التفريق بين همزة القطع وهمزة الوصل إذا ما كانت في بداية الكلمة. وهناك طريقة جيدة لتمييز همزة الوصل عن همزة القطع، وهي: أن تضع حرف الفاء أو الواو قبل الكلمة، وبعدها ستتبين ماهية الهمزة بسهولة مثال ذلك: "استطاع، فاستطاع... أكل، وأكل". تلاحظ هنا أن الكلمة الأولى تنطق بلا همزة، إذا فهي همزة وصل. بينما الأخرى لا بد من لفظ الهمزة. إذا فهي همزة قطع.

 

فائدة في جواز عدم كتابة الصلاة على النبي، مع وجوب النطق بها

قال الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1\271): «رأيت بخط أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في عدة أحاديث اسم النبي، ولم يكتب الصلاة عليه. وبلغني أنه كان يصلي على النبي (r) نطقاً لا خَطاً. وقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين في ذلك».

 

عدم التعجل في حمل الناس على أحكام الإسلام

قال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز لأبيه الخليفة عمر: «يا أبت مالَكَ لا تنفذ في الأمور؟ فو الله لا أبالي في الحق لو غلت بي وبك القدور». قال له عمر: «لا تعجل يا بني. فإن الله تعالى ذَمَّ الخمر في القرآن الكريم مرتين، وحرمها في الثالثة. وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملةً، فيدفعونه، وتكون فتنة».
 

المصالح المُرسَلة

قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: «لا يجوز تعطيل المصالح الغالبة خوفاً من وقوع المفاسد النادرة».

 

انشغال بعض العلماء بالدنيا وإعجابهم بعلمهم

قال ابن الجوزي في صيد الخاطر (ص384):‏ ‏«رأيت أكثر العلماء مشتغلين بصورة العلم دون فهم حقيقته.‏
‏• فالقارئ مشغولٌ بالروايات، عاكِفٌ على الشواذ، يرى أنَّ المقصود نفس التلاوة، ولا يتلمَّح عظمة ‏المتكلم، ولا زجر القرآن ووعده. وربما ظن أن حفظ القرآن يدفع عنه! فتراه يترخَّص في الذنوب. ولو فَهِمَ ‏لعَلِمَ أنّ الحُجّة عليه أقوى ممن لم يقرأ!‏
‏• والمحدِّث يجمع الطرق، ويحفظ الأسانيد، ولا يتأمل مقصود المنقول. ويرى أنه قد حَفِظَ على الناس ‏الأحاديث. فهو يرجو بذلك السلامة. وربما ترخّص في الخطايا ظناً منه أنَّ ما فعل في خدمة الشريعة يدفعُ ‏عنه.‏
‏• والفقيه قد وقع له أنه بما عرف من الجدال الذي يقوّي به خصامه، أو المسائل التي قد عرف فيها المذهب ‏قد حصّل –بما يفتي به الناس– ما يرفع قدره ويمحو ذنبه. فربما هجم على الخطايا ظناً منه أنّ ذلك يُدفع ‏عنه. وربما لم يحفظ القرآن، ولم يعرف الحديث
، وأنهما ينهيان عن الفواحش بزجر ورفق.‏
‏• وينضاف إليه -مع الجهل بهما-: حب الرئاسة، وإيثار الغلبة في الجدل. فتزيد قسوة قلبه...‏
‏• وعلى هذا أكثر الناس. صور العلم عندهم صِناعة! فهي تكسبهم الكبر والحماقة»...‏
‏• إلى أن قال: «وهؤلاء لم يفهموا معنى العِلم. وليس العِلمُ صُوَر الألفاظ، إنما المقصود فهم المراد منه، وذاك ‏يورث الخشية والخوف!
‏• نسألُ اللهَ –عزّ وجل– يقظةً تفهّمنا المقصود، وتعرّفنا المعبود. ونعوذ بالله من سبيل رعاعٍ يتسمّون ‏بالعلماء. لا ينهاهم ما يحملون، ويعلمون ولا يعملون. ويتكبَّرون على الناس بما لا يعملون، ويأخذون عَرَضَ ‏الأدنى وقد نهوا عما يأخذون! غلبتهم طباعهم، وما راضتم علومهم التي يدرسون. فهم أخسُّ حالاً من ‏العوام، الذين يجهلون. {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون}».‏

ويقول في "صيد الخاطر" (216): «رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث، لا يكاد يكفي في صلاح القلب، إلا أن يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالحين. لأنهم تناولوا مقصود النقل، وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها. وما أخبرتك بهذا إلا بعد معالجة وذوق. لأني وجدت جمهور المحدثين وطالب الحديث همة أحدهم: في الحديث العالي، وتكثير الأجزاء. وجمهور الفقهاء: في علوم الجدل، وما يغالب به الخصم. وكيف يرق القلب مع هذه الأشياء؟! وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه، لا لاقتباس علمه. وذلك أن ثمرة علمه: هديه وسمته. فافهم هذا، وامزج طلب الفقه والحديث بمطالعة سير السلف والزهاد في الدنيا، ليكون سبباً لرقة قلبك».
 

أسباب فساد المجتمع الإسلامي وانتشار الزنا

قال ابن حزم في "طوق الحمامة" (ص97): «حُرِّمَ على المسلم الالتذاذ بسماع نغمة امرأة أجنبية». تأمل هذا القول من هذه الإمام الذي يجيز سماع الغناء والمعازف، لكنه لا يجيز أبداً -ولا أحد من أئمة المسلمين من طبقته ومن قبله- التلذذ بسماع نغمة امرأة أجنبية. فنعوذ بالله من ضلالات القرضاوي والغزالي.

ويقول ابن حزم كذلك: «وشيء أصفه لك تراه عياناً: وهو أني ما رأيت قط امرأة في مكان تحس أن رجلاً يراها أو يسمع حسها، إلا وأحدثت حركة فاضلة كانت عنها بمعزل، وأتت بكلام زائد كانت عنه في غنية مخالفين لكلامها وحركتها قبل ذلك. ورأيت التهمم لمخارج لفظها وهيئة تقلبها، لائحاً فيها ظاهراً عليها لا خفاء به. والرجال كذلك إذا أحسوا بالنساء. وأما إظهار الزينة وترتيب المشي وإيقاع المزح عند خطور المرأة بالرجل واجتياز الرجل بالمرأة، فهذا أشهر من الشمس في كل مكان. والله عز وجل يقول: {وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}. وقال تقدست أسماؤه: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}. فلولا علم الله عز وجل برقة إغماضهن في السعي لإيصال حبهن إلى القلوب ولطف كيدهن في التحيل لاستجلاب الهوى، لما كشف الله عن هذا المعنى البعيد الغامض الذي ليس وراءه مرمى. وهذا حد التعرض، فكيف بما دونه؟!».

لا تـتـبـع الـنـفـس الـهـوى * ودع الـتـعـرض لـلـمـحـن
إبـلـيس حــي لـــم يمـــت * والـعـين بـاب لـلــفـــتـــن

ويعلل ابن حزم مظاهر الفساد التي تفشت بالمجتمع الأندلسي، باختلاط الرجال والنساء بلا قيود، وإظهار النساء زينتهن وهن يعرضن للرجال، وفراغ بال النساء. فلا شيء يشغل المرأة الغنية في الأندلس على الإطلاق. حتى أعمال المنزل كن لا يقمن بها فلديهن الجواري أو الخصيان! ومما سهل ذلك خروج النساء وحدهن بلا زوج أو محرم، والتقاؤهن بالرجال في المنتزهات. وقال إن هذا الاختلاط بلا رقابة، هو ذريعة الفساد وانتشار الفحشاء. وساق خبراً عن فتاة حجازية حملت من أحد ذوي قرباها، فلما سئلت في ذلك قالت: «قرب الوساد وطول السواد»، أي طول الليل كناية عن الفراغ وقلة الشغل.

وهو إذ يسوق أخبار الفحشاء في رسالته يستخلص منها العبرة، ويسوق النصيحة إلى القوامين على النساء، أن يسدوا أمامهن ذرائع المعصية، من البطالة وحضور مجالس السمر والانفراد بالرجال. ويقول في ذلك أن المرأة الصالحة إذا سُدَّتْ أمامها ذرائع الفساد، ظلت على صلاحها، أما الفاسدة، فإذا سُدَّتْ أمامها الذرائع، تحايلت عليها لتمارس الفساد! أقول: وأما عامة النساء فما بين وبين. فإن وجدت الفساد شائعاً، ووجدت السبر إليه ميسرة، سلكت له سبيلاً مع السالكين. فإن وجدت طريقه مسدودة مع قلة سالكيها وكثرة الرقباء واللائمين، امتنعت عنه. وهذا طبع ابن آدم.
 

إجماع المسلمين على تحريم النظام الملكي وعلى تحريم توريث الحكم

يقول الإمام ابن حزم في "الفصل في الملل والنحل" (ص28) عن الخلافة: «ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أنه لا يجوز التوارث فيها».

 

بيعة عمر بن عبد العزيز كانت بالشورى وليست بالوراثة

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (45|166): أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء أنا منصور بن الحسين أنا أبو بكر بن المقرىء نا أبو عروبة نا أبو رفاعة نا ابن عائشة نا سعيد بن عامر (الضبعي، 208) عن ابن عون قال: «لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، قام على المنبر فقال: "يا أيها الناس، إن كرهتموني لم أقم عليكم". قالوا: "رضينا رضينا"». فقال (ابن عون): «أترغبون الآن حين طاب الأمر؟!».
 

الرأي والرأي الآخَر

من المعروف اليوم أن فضائية الجزيرة تتبنى شعاراً خبيثاً هو: الرأي والرأي الآخر. والسؤال: كيف قبول الرأي والرأي الآخر؟ هل يقبل الشيء ونقيضه؟ وهم لا يقولون اعذروا المجتهد في اجتهاده، بل إن المجتهد إذا كان من أهل الاجتهاد يعذر في اجتهاده. لكن لا يمكن أن نقول القول والقول الآخر، لا سيما إذا كان بينهما تناقض. كيف تقبل الحق وتقبل الباطل؟ وهذا القول في حقيقته فلسفة قديمة مأخوذة من الفلاسفة الذين يصححون الشيء ونقيضه. ولأجل ذلك وجدت عند بعض أبناء المسلمين من القديم، حتى أن الإمام الذهبي يرحمه الله يذكر في ترجمة عبيد الله بن الحسن العنبري أنه يعتقد مذهباً خبيثاً، وهذا المذهب الخبيث أنه يقول كل مجتهد مصيب. فهذا هو المذهب وهذه هي الفلسفة التي تدندن عليها الصحافة في هذا الوقت الآن: «اقبلوا الرأي والرأي الآخر». ألا تباً لهذا المذهب الخبيث.

 

ترتيب الأحرف العربية

هناك ثلاثة طرق لترتيب الأحرف العربية: الترتيب الأبجدي، والترتيب الهجائي والترتيب الفراهيدي، مع وجود خلافات طفيفة في كل ترتيب.

يا سائلي عن حروف العين دونكها * في رتبة ضمها وزن وإحصاءُ
العين والحاء ثم الهاء والخاء * والغين والقاف ثم الكاف أكفاء
والجيم والشين ثم الضاد يتبعها * صاد وسين وزاي بعدها طاء
والدال والتاء ثم الظاء متصل * بالظاء ذال وثاء بعدها راء
واللام والنون ثم الفاء والباء * والميم والواو والمهموز والياء

 

المجتهد المخطئ

يقول ابن حزم في "الفصل" (4|161) في المجتهد المخطئ: «وعمار رضي الله عنه قتله أبو الغادية يسار بن سبع السلمي. شهد (أبو الغادية) بيعة الرضوان، فهو من شهداء الله له بأنه علم ما في قلبه وأنزل السكينة عليه ورضي عنه. فأبو الغادية رضي الله عنه متأوِّلٌ مجتهد مخطئ فيه باغ عليه مأجور أجراً واحداً. وليس هذا كقتلة عثمان رضي الله عنه، لأنهم لا مجال للاجتهاد في قتله. لأنه لم يقتل أحداً ولا حارب ولا قاتل ولا دافع ولا زنا بعد إحصان ولا ارتد، فيسوّغ المحاربة تأويل. بل هم فُسّاقٌ محاربون سافكون دماً حراماً عمداً بلا تأويل، على سبيل الظلم والعدوان. فهم فساق ملعونون».

 

تفضيل المرأة الشقراء

قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم. وقد استنبط ابن عطية المحدّث من هذه الآية أن أجمل النساء هن نساء الروم، لأنه لا يوجد موضع في القرآن ذكر فيه الامتنان بخلق الزوجات وجعل المودة والرحمة، إلا في هذا الموضع في سورة الروم. وهذا من دقائق التفسير. قال ابن حزم الأندلسي في تفضيل المرأة الشقراء الشعر على المرأة السوداء الشعر:

يعيبونها عندي بشقرة شعرها * فقلت لهم هذا الذي زانها عندي

يعيبون لون النور والتبر ضله * لرأي جهولٍ في الغواية ممتد

وهل عاب لون النرجس الغض عائب * ولون النجوم الزاهرات على البعد

وأبعد خلق اللَه من كل حكمةٍ * مفضل جرم فاحم اللون مسودٌ

به وصفت ألوان أهل جهنم * ولبسة باكٍ مثكل الأهل محتد

ومذ لاحت الرايات سوداً تيقنت * نفوس الورى أن لا سبيل إلى الرشد

 

عصور الظلام

من يقرأ كتب التاريخ يجد فيها تعبير "عصور الظلام"، فما هي عصور الظلام؟ هذا يختلف باختلاف الكاتب. فإذا كان غربياً أو مستشرقاً فإن المقصود هي العصور الوسطى التي وصلت خلالها أوربا إلى الحضيض. فعصور الظلام (أي العصور الوسطى) تبدأ منذ سقوط روما بأيدي البرابرة إلى العصور الحديثة. وعصر النهضة بدأ في القرن الثالث عشر الميلادي في إيطاليا وانتشر في أوربا تدريجيا وببطء شديد. وتبتدئ العصور الحديثة بشكل عملي بعد سقوط القسطنطنية بأيدي محمد الفاتح قائد الجيش العثماني.

أما إن كان عربياً أو مسلماً فعصور الظلام تبدأ منذ نهاية حكم  المماليك الترك وبداية حكم المماليك الشركس، مروراً بالعهد العثماني إلى عصر الاستقلال. هذا وليس من إشكال أن تقول هذا يومٌ أسود لأنك أصبت بمصيبة فيه. لكن لا تسب ذلك اليوم لأنه قدر عليك ذلك. فالذي يقدر ويدبر الأمور هو الله تعالى.

 

أسس الأدب العربي

1– الإكثار من مطالعة كبار كتب الأدب. قال ابن خلدون ما معناه: أركان الأدب أربعة:

2– حفظ الدرر من الأشعار والأمثال والتمرس على ذلك. ومن أفضل ما يُنصح بحفظه في هذا الفن:

 

أسس الفقه المقارن

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: «ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المُحَلَّى لابن ‏حزم، وكتاب المغني للشيخ موفق الدين (بن قدامة المقدسي)». قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (18|193): «لقد صدق الشيخ عز الدين. وثالثهما: السنن الكبير للبيهقي. ورابعها: ‏التمهيد لابن عبد البر. فمن حَصّل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المُفتِين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقاً».‏ قلت: سنن البيهقي فيها أدلة الشافعية غالباً دون غيرهم. فلذلك أنصح بكتاب "إعلاء السنن" للعثماني، لاستيعابه لأدلة الأحناف. إضافة لشرح مشكل الآثار للطحاوي، حتى يفهم طالب العلم أدلة الأحناف من كلامهم. أما التمهيد لابن عبد البر، فلم يعجبني ترتيبه، على غزارة ما فيه من علم. وهناك من قام بترتيبه وضمه إلى الاستذكار. ومما يُنصح به أيضاً في هذا الباب: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وإن لم يكن يصنف من الكتب الفقهية فهو المادة الأساسية للشوكاني في نيل الأوطار. وكذلك كتاب "المجموع"، للنووي الشافعي. وهذا لو أكمله النووي لكان من أفضل تلك الكتب، لكنه لم ينه إلا ربعه. والذين أكملوه من بعده لم يكونوا في مستواه. ومما يفيد كذلك كتاب "بداية المجتهد"، لابن رشد الحفيد (الفيلسوف)، وهو مختصر جداً لكن فيه تخريج جيد للفروع على الأصول.