تعارض الجهالة مع التعديل

الأصل في الناس الجهالة لا العدالة

الأصل في المسلم السلامة. لأن العدالة وصف مكتسب زائد على ذلك.

 

هل تتعارض الجهالة مع التعديل؟

ذكر الزيلعي في "نصب الراية" (1|333) ثلاثةً من الرواة عن عبدالله بن مغفل، وقال: «فقد ارتفعت الجهالة عن عبد الله بن مغفل برواية هؤلاء الثلاثة عنه». قال: «والنسائي وابن حبان وغيرهما يحتجون بمثل هؤلاء. مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية، ولم يرو منهم حديثاً منكراً ليس له شاهد ولا متابع حتى يُجْرَحَ بسببه، وإنما رووا ما رواه غيرهم من الثقات».

وكم من رجل نص عليه ابن المديني أو أبو حاتم بالجهالة فتجد توثيقه عند ابن حبان والنسائي. والرجل من التابعين، فإذا لم يعرفه هؤلاء (وهم أقرب لزمنه) فالنسائي وابن حبان أولى. ناهيك عن الدارقطني وابن عبد البر والذهبي والهيثمي والمعاصرين. فالذي يطلق على الراوي لفظ الجهالة، فغالباً لا يكون عن جهل به، خاصة إذا كان الراوي من طبقة التابعين. فهذا تجد في القرن الثالث الهجري أن حديثه قد تم جمعه بلا شك. والذين أُطلِق عنهم ألفاظ الجهالة يكون حديثهم قليلاً، فلا يصعب جمعه في ذلك العصر. فقول المحدّث عن رجل أنه مجهول، لا يعني بالضرورة أنه لم يطلع على حديثه، إلا إن كان معاصراً له وكان في غير بلده. فالمقصود بالحكم على الراوي بالجهالة أن معايير المحدّث للتوثيق لا تنطبق على هذا الراوي. وكل ذلك راجع لغلبة الظن بلا شك، مثل أي قول آخر في الرجال. والنتيجة التي أريد أن أصل إليها من الأمثلة التي أوردتها في هذا الموضوع، أن من كان قليل الحديث، وما أتى به تعديل أو جرح إلا من محدث أو اثنين، فنحن غير ملزمين بهذا الحكم. بل لنا أن نستقرئ حديث هذا الراوي، فإن كان مستقيماً وثقناه، وإن كان منكراً ضعفناه.

فمثلاً الذي لا يروي عنه إلا شعبة يسميه ابن المديني مجهولاً، مع أن شعبة لا يروي إلا عند من هو ثقة عنده. فإذا وجدت أبو حاتم أو ابن المديني ينص على جهالة راوٍ من التابعين ثم يوثقه النسائي أو الدراقطني، فهل يعني هذا أن كل المتقدمين من قبل النسائي ما عرفوه ولا سبروا حديثه؟ ثم عرفه النسائي المتأخر عنهم؟ كلا. فالراوي يكون عند ابن خزيمة وابن حبان والحاكم مجهولاً إن روى عنه ثقة واحد، لكن جهالته باقية عند غيره. إذ يشترط الذهلي والبزار والداقطني وغيرهم (وعامة المتأخرين) لرفع الجهالة أن يروي عنه ثقتان. بل إن الدارقطني نص على ذلك في سننه (3|174). فالمشكلة هي اختلاف مناهج بين المتقدمين أنفسهم. بينما اعتمد المتأخرون منهج الذهلي ومشوا عليه.

وأنا أعتبر كثيراً أحكام النسائي والدراقطني في من كان كثير الحديث لعلمي أنهم سيسبرون حديثه. بل قد تكون أحكامهم أدق من غيرهم لتمكنهم من سبر كل أحاديث ذلك الراوي. لكن الآفة ممن هو قليل الحديث. فإذا كان الراوي ليس له إلا حديثاً أو حديثين، فيا ليت شعري كيف لك بسبر حديثه؟ فإن سبر حديثه ينظر، فإن طابق حديثه أحاديث الثقات فهو ثقة، وإلا فضعيف. وأما لو كثرت أحاديثه التي لم يتابعه أحد عليها، فيطلق عليه أحمد وغيره وصف: "له مناكير". وإذا كثرت يصبح "منكر الحديث".

والمشكلة هنا -كما أسلفنا- فيمن لم يكن عنده إلا بضعة أحاديث لم يتابع عليها. فلم يبق هنا إلا أن ننظر إن كانت تلك الأحاديث فيها نكارة فهو ضعيف، وإن كانت مستقيمة فهو ثقة. هذا هو منهج المحدّثين، لكنهم قد يختلفون في تعريف النكارة. فما كان عندك منكراً قد يكون مستقيماً عند غيرك. والمنكر عند الشافعي قد يكون مستقيماً عند الحنفي. وحديث في فضائل علي قد ينكره الحافظ الجوزجاني، ويقبله تلميذه النسائي. ولو قال لك واحدٌ هذا حديث منكر، لم يمكنك أن تنكر عليه لأن الأمر راجع للشعور النفسي وليس له ضابط. ومثل هذا لا يكون حجة.

والمقصود أن من كان ليس له إلا بضعة أحاديث، وكانت أحكام الأئمة عليه نتيجة السبر فقط دون معرفة حاله، كان من الممكن أن نراجع حكمهم بإعادة سبر تلك الأحاديث. والشرط هنا أن نتمكن من جمع كل حديثه، وهذا غالباً لا يمكن التأكد منه إلا بوجود نص أن له نحو عشرة أحاديث أو ما شابه ذلك. فإذا جمعنا فعلاً تلك الأحاديث، عرفنا أننا نعرف عنه ما يعرفه المتقدمون، وأمكننا الحكم عليه، وإلا فلا.

 

أمثلة على ثقات جهلهم بعض العلماء، وكان الصواب التوثيق:

العالِية بنتُ أيْفَع بن شراحيل روى عنها زوجها أبو إسحاق السبيعي وابنها يونس. وهما من هما في الثقة والحفظ والمعرفة. انظر: "الثقات" (5|289) و"طبقات ابن سعد" (8|487) و"تكملة الإكمال" (4|91‏). وقد قال عنها العجلي في "معرفة الثقات" (2|455): «مدنية تابعية ثقة». وفي كتاب "إيثار الإنصاف" (ص301): «العالية امرأة معروفة جليلة القدر روى عنها أبو حنيفة وسفيان (الثوري) والحسن بن صالح ومجاهد والشعبي وفقهاء الكوفة. وذكرها ابن سعد في "الطبقات" فقال: "العالية بنت أيفع بن شراحيل، امرأة أبي إسحاق السبيعي، سمعت من عائشة رضي الله عنها". وخرج عنها الطحاوي وغيره، وعمل بحديثها أهل المدينة والعراق، حتى قال مالك وأحمد رضي الله عنهما بقولنا (الحنفية) تلقياً بهذا الحديث».

ومع ذلك جهّل حالها الشافعي ورفض العمل بحديثها بخلاف الجمهور. وطلب من مناظره أن يأتيه بدليل على توثيقها! وقال غيره: هذا الحديث حسن ويحتج بمثله لأنه قد رواه عن العالية ثقتان ثبتان أبو إسحاق زوجها ويونس ابنها، ولم يعلم فيها جرح. والجهالة ترتفع عن الراوي بمثل ذلك. ثم إن هذا مما ضبطت فيه القصة ومن دخل معها على عائشة، وقد صدّقها زوجها وابنها، وهما من هما فالحديث محفوظ. هذا مع العلم أن مالكَ قد أخرج حديثها في الموطأ برواية ابن وهب، كما ذكر القرطبي. وهو الكتاب الذي يقول الشافعي أنه أصح كتاب بعد القرآن!

تناقض ما لنا إلا السكوت عنه. أما الذي لا نسكت عنه: الدارقطني جهّلها تبعاً لإمامه الشافعي، رغم أنه نص أدناه (في ترجمة خشف) على أن من روى عنه ثقتين يصبح معروفاً. وشنّع عليه ابن الجوزي، وقال في التحقيق (2|184) أنها: «امرأة جليلة القدر معروفة». وليس معنى ذلك أن الحافظ الدارقطني قد رد حديثها لمخالفته لمذهبه، فأئمة الإسلام أجلّ وأعظم من أن يردوا حديثاً لمجرد مخالفته لما تمذهبوا عليه. وإنما لما رأى الدارقطني في الحديث نكارة عنده، رده من أجل ذلك. وغيره لا يرى في الحديث نكارة فيوثقها ويصحح الحديث، وهو حال الجمهور كما تبيّن. فلا شك أن هناك أموراً يتفق أئمة الحديث على نكارتها، وهناك أموراً يختلفون فيها، هل فيها نكارة أو لا؟ وهذا من باب اختلاف اجتهاداتهم فيها، مثل ما يختلفون في تضعيف راو أو توثيقه.

 

أمثلة أخرى:

حاتم بن حريث الشامي. قال عثمان بن سعيد الدارمي، عن يحيى بن معين: «لا أعرفه». ثم قال الدارمي: «حاتم بن حريث الطائي شامي ثقة». و قال أبو حاتم: «شيخ». و قال ابن عدي (2|439): «لعزة حديثه لم يعرفه يحيى بن معين، و أرجو أنه لا بأس به». رتبته عند ابن حجر: «مقبول». رتبته عند الذهبي: «شيخ». روى عنه صدوقين، هما دون مرتبة الثقات.

 

الجراح بن مليح البهراني. روى عنه جماعة. قال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عن الجراح البهراني الحمصي، فقال: «لا أعرفه». و قال أبو حاتم: «صالح الحديث». و قال النسائي: «ليس به بأس». و قال أبو أحمد بن عدي (2|161): «له أحاديث سوى ما ذكرت عن الزبيدي، و غيره، و قول يحيى بن معين "لا أعرفه"، كأن يحيى إذا لم يكن له علم و معرفة بأخباره و رواياته يقول: "لا أعرفه". و الجراح بن مليح مشهور فى أهل الشام، و هو لا بأس به، و برواياته. و له أحاديث صالحة جياد، و نسخ نسخة يرويها عن الزبيدي عن الزهري، و غيره، و نسخة لإبراهيم بن ذي حماية، وأرطاة بن المنذر مقدار عشرين حديثاً. و قد روى عن شيوخ الشام جماعة منهم أحاديث صالحة مستقيمة، و هو في نفسه صالح». و في تاريخ العباس بن محمد الدوري (4|474)، رواية أبي سعيد بن الأعرابي عنه: قال ابن معين: «الجراح بن مليح شامي ليس به بأس». ومعروف أن الدارمي هو أول من روى التاريخ عن ابن معين بينما الدوري هو آخر من رواه.

 

سفيان بن عقبة الكوفي. جاء في "سؤالات عثمان الدارمي عن ابن معين" (ص118): سألت يحيى عنه، فقال: «لا أعرفه». و كذا نقله ابن أبي حاتم في "الجرح و التعديل"، و ابن عدي في "الكامل" عن عثمان. علق ابن عدي (3|413): «يعني أنه (أي ابن معين) لم يره، و لم يكتب عنه، فلم يخبر أمره. وهو عندي -سفيان بن عقبة- لا بأس به وبرواياته». قال ابن نمير: «لا بأس به». و روى عنه جماعة منهم ابن المديني. والملاحظ ورع ابن معين عندما قال "لا أعرفه" بدلاً من "مجهول" لأنه لم ييأس من معرفة المزيد عنه.

 

شريح بن النعمان. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : «سألت أبي عن شريح بن النعمان (روى عنه أربعة)، و هبيرة بن يريم (روى عنه ثقتان). قال: «ما أقربهما». قلت: «يحتج بحديثهما؟». قال: «لا، هما شبيهان بالمجهولين». انتهى. هذا مع أن شريح بن النعمان روى عنه أربعة، ثلاثة منهم ثقات أثبات. وقال عنه تلميذه الإمام أبو إسحاق: «وكان رجلاً صدوقاً».

 

أمثلة على مجاهيل وثقهم بعض العلماء وكان الصواب الجهالة أو الضعف:

خشف بن مالك الطائي الكوفي: مجهولٌ من كبار التابعين من الطبقة الثانية. ذكره ابن حبان في كتاب "الثقات". وروى له الأربعة. قال النسائي: «ثقة»! كذا قال، لكن الأئمة اعتبروه مجهولاً وما صححوا حديثه. وحكم عليه الدارقطني والبيهقي و البغوي (في "المصابيح") رغم اطلاعهم على توثيق النسائي، فهم أتوا بعده. قال الدراقطني في سننه (3|174): «الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك عن ابن مسعود، وهو رجل مجهول. ولم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي. وأهل العلم بالحديث، لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته غير معروف. وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواته عدلاً مشهوراً أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه. وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعداً. فإذا كانت هذه صفته، ارتفع عنه اسم الجهالة وصار حينئذ معروفاً. فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك، حتى يوافقه غيره. والله أعلم».

وخشف هذا ليس لديه من الحديث المرفوع إلا حديثين. الأول في حر الرمضاء، نقل الترمذي عن البخاري أن الصواب وقفه! والثاني في الديات ضعفه الدارقطني وغيره في العلل والسنن له. وأعله الترمذي والبزار. وذكر الخطابي أن خشف بن مالك: «مجهول لا يُعرف إلا بهذا الحديث». فرجل مجهول ليس له إلا حديثٌ أخطأ به، من أين يأتيه التوثيق؟! والصواب أنه ضعيف. قال عنه الأزدي: «ليس بذاك». ومع ذلك يصفه النسائي بأنه ثقة!

والنتيجة أن المتقدمون أنفسهم يختلفون بسبب اختلاف معاييرهم لا بسبب نقص اطلاعهم. أي لا يمكنك القول أن السبب هو أن كل الأئمة جهلوا حال خشف، وعرف النسائي عنه ما يفيد التوثيق. هذا لا يعقل لأنه من كبار التابعين (الطبقة الثانية). فالذين تقدموا على النسائي أقرب منه وأعلم بحديثه (القليل جداً فلا يحتاج لكثير من السبر!). والدراقطني بالتأكيد قد اطلع على توثيق النسائي (وهو ممن يثني كثيراً عليه)، لكنه لم يعتد به لأنه يعلم أن مقاييس رفع الجهالة عند النسائي هي غير مقاييسه هو.

 

أمثلة أخرى أيضاً:

نافع بن محمود بن الربيع. روى حديثاً يؤيد فيه مذهب الشافعي في القراءة خلف الإمام. والحديث شاذ فإنه قد خالف فيه الزهري عن عبادة بن الصامت. ومع ذلك قال الدارقطني لما أخرج الحديث: «هذا حديث حسن و رجاله ثقات»! وقال أبو محمد عبد الحق: «ونافع بن محمود لم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم ولا أخرج له البخاري ومسلم شيئاً». وقال فيه ابن عبد البر: «مجهول». فهل ابن عبد البر لم يشاهد ما كتبه الدراقطني كذلك؟ وهل غاب هذا الراوي لحديث مشهور، عن كل أئمة الحديث فلم يترجموا له؟ أم المسألة اختلاف مناهج؟ مع العلم أن حديثه لم يأت ذكره إلا عن رجل شامي عن مكحول وحرام بن حكيم عنه. وقد قال عنه الذهبي في ميزان الإعتدال (7|7): «لا يعرف بغير هذا الحديث. ولا هو في كتاب البخاري وابن أبي حاتم. ذكره ابن حبان في الثقات، ، وقال: حديثه معلل». وذكر ابن حبان أنه في حديثه (الوحيد) قد خالف خبر أبيه. فكيف يكون ثقة؟ ولا يمكن معرفة أنه ثقة إلا بأمرين: إما من شخص عرفه شخصياً، وهو متعذر هنا. وإما بسبر أحاديثه. فليس له إلا حديث واحد قد أخطأ به!

 

عتي بن ضمرة التميمي السعدي البصري: روى عنه الحسن البصري، وقيل كذلك ابنه عبد الله بن عتي (مجهول). قال ابن سعد: «روى عن أبيّ وغيره، وكان ثقة قليل الحديث». وقال العجلي: «بصري ثقة، روى عنه الحسن ستة أحاديث، ولم يرو عنه غيره». وقال علي بن المديني: «عتي بن ضمرة السعدي: مجهول. سمع من أبيّ بن كعب. لا نحفظها إلا من طريق الحسن. وحديثه يشبه حديث أهل الصدق، وإن كان لا يُعرَف». يقصد أن عدالته مجهولة الحال، لكن أحاديثه الستة التي رواها عنه الحسن البصري تشبه أحاديث الثقات. ومحال أن يعرف حاله ابن سعد البغدادي (كاتب الواقدي) والعجلي الكوفي، ويخفى حاله على بلديه إمام العلل ابن المديني. فدل هذا على أن ابن سعد والعجلي وثقاه اعتماداً على سبر حديثه دون معرفة شيء من حاله، لكن لم يكن السبر وحده كافياً عند ابن المديني خاصة مع قلة الرواة عنه وقلة حديثه. فدل هذا على اختلاف المناهج، ومنهج ابن المديني أحوط.

 

هياج بن عمران بن الفصيل. قال علي بن المديني: «مجهول». و قال محمد بن سعد: «كان ثقة، قليل الحديث». و ذكره ابن حبان في كتاب "الثقات". وقال الذهبي: «وثق» (إشارة لعدم اعتداده بتوثيق ابن سعد وابن حبان). وقال ابن حجر: «مقبول» (أي مستور).

 

داود بن خالد بن دينار المدني. قال يعقوب بن شيبة: «مجهول، لا نعرفه. ولعله ثقة»، يعني بناء على سبر حديثه، ولم يجزم بتوثيقه لجهالة حاله وقلة حديثه. وقال العجلي: «ثقة». وقال علي بن المديني: «لا يحفظ عنه إلا هذا الحديث الواحد». وقال ابن عدي: «و له من الحديث غير ما ذكرت، و ليس بالكثير، وكأن أحاديثه إفرادات، و أرجوا أنه لا بأس به». وقال ابن حجر: «صدوق». روى عنه ثقة وصدوق وكذاب.

 

زيد بن عياش أبو عياش. رجل مدني، قال عنه أبو حنيفة وابن حزم: مجهول. وقال عنه الدارقطني: ثقة، وروى عنه ثقتان، وليس له إلا حديث "النهى عن بيع الرطب بالتمر". هذا الحديث صححه الترمذي وابن خزيمة وأخرجه مالك. وقد أشكل عليّ أمره، فمن وثقة إنما لإخراج مالك لحديثه (بواسطة)، وإلا فلا يُعرف عنه شيء، وليس له إلا حديث واحد. فلعل الراجح فيه أنه صدوق، وهو ما رجحه ابن حجر. والله أعلم.

 

مذاهب العلماء في الرواية عن المجاهيل

إن قضية الرواية عن مجاهيل هي من القضايا التي اختلف عليها علماء الحديث قديماً و حديثاً. ولهم فيها مذاهب:

المذهب الأول: إن هناك نسبة كبيرة من المحدثين يقولون إنه إذا كان المجهول من الطبقات العليا وحديثه موافق للثقات، فهو ثقة. أي حتى لو تفرد بحديث لم يروه غيره لكن لم يخالفه ثقة، فإن حديثه صحيح. وهذا مذهبٌ شائع ومنتشرٌ عند المتأخرين. وأكثر من انتصر له هو ابن حبّان في صحيحه، وفي تراجمه، ونص عليه بنفسه. فكم من رجل مجهول لم يوثّقه إلا ابن حبان! حيث أن مبدأه هو أن الأصل في المسلمين العدالة. ونحن نقول: ليس الأصل في الناس العدالة بل هي شيء زائد إلا أن يَثبت حسن إسلام المرء فتثبت عدالته. هذا شيء، والشيء الآخر أن مرتبة الثقة عند الجمهور معناها العدالة و الضبط الكامل. وليس الضبط وقوة الحفظ أصلٌ في المسلمين كلهم. بل كم من إمام في الفقه والزهد صدوق أمين، ومع ذلك فهو ضعيف الحفظ.

المذهب الثاني: و هناك من قال بأن المجهول إذا روى عنه أكثر من رجلين فهذا توثيق له. و في ذلك كله تساهل واضح. فرواية أئمة عن رجل معيّن ليست بالضرورة توثيقاً له، إلا إذا كان ذلك الإمام من أئمة الجرح و التعديل، وكان لا يُحدّث إلا عن ثقة عنده كشعبة ومالك. وهؤلاء قلة معروفة مشهورة. و هذا المذهب واضح البطلان.

قال ابن حجر في مقدمة كتابه لسان الميزان (1|14): قال ابن حبان: «من كان مُنكَر الحديث –على قِلته– لا يجوز تعديلُه إلا بعد السّبْر. ولو كان ممن لا يروي المناكير، و وافق الثقات في الأخبار، لكان عدلاً مقبول الرواية. إذِ الناس في أقوالهم على الصلاح والعدالة، حتى يتَبيّن منهم ما يوجب القدح. هذا حكمُ المشاهير من الرواة. فأما المجاهيل الذين لم يَرو عنهم إلا الضعفاء، فهم متروكون على الأحوال كلها». قال ابن حجر: «وهذا الذي ذهب إليه بن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبيّن جرحُه: مذهبٌ عجيبٌ، والجمهور على خلافه. وهذا هو مسلك ابن حبان في كتاب الثقات الذي ألّفه. فإنه يذكر خلقاً ممن نَصَّ عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون. وكانّ عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحدٍ مشهور. وهو مذهب شيخه ابن خزيمة. ولكن جهالةُ حالهِ باقيةٌ عند غيره». ثم ذكر ابن حجر كلام ابن حبان في توثيق المجاهيل.

قال الخطيب في "الكفاية في علم الرواية" (ص89) ما خلاصته: «أقل ما ترتفع به الجهالة: أن يَروي عن الرجل اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم. إلا أنه لا يثبُتُ له حكم العدالة بروايتهما. وقد زعم قوم أن عدالته (للمجهول) تثبت بذلك (أي برواية الثقات عنه). وذلك أن رواية العدل عن غيره تعديل له، بأن العدل لو كان يَعلَمُ فيه جَرحاً، لذَكَره. وهذا باطلٌ، لأنه يجوز أن يكون العدل لا يعرف عدالته. فلا تكون روايته عنه تعديلاً، ولا خَبراً عن صِدقه. بل يَروي عنه لأغراضٍ يقصِدُها. كيف وقد وُجِدَ جماعة من العدول الثقات رووا عن قومٍ أحاديث أمسكوا في بعضها عن ذكر أحوالهم، مع علمهم بأنهم غيرُ مرضيين، وفى بعضها شهدوا عليهم بالكذب في الرواية وبفساد الآراء والمذاهب. مثل قول الشعبي: ثنا الحارثُ وكان كذاباً. وقول الثوري: ثنا ثُوَير بن أبي فاختة وكان من أركان الكذب. وقول يزيد بن هارون: ثنا أبو رَوح وكان كذاباً. وقول احمد بن مُلاعِب: ثنا مُخَوَّل بن إبراهيم وكان رافضياً. وقول أبي الأزهر: ثنا بكر بن الشَّرود وكان قَدَرياً داعية». قال ابن حجر:«وقد روى هؤلاء كلهم في مواضع أخرى عمن سُمّي ساكتين عن وصفهم بما وصفوهم به. فكيف تكون رواية العدل عن الرجل تعديلاً له؟! لكن من عُرِفَ من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة، فإنه إذا روى عن رجلٍ وُصِفَ بكونه ثقةً عنده، كمالك وشعبة والقطان وابن مهدي وطائفة ممن بعدهم».

قال الشيخ محمد خلف سلامة: رواية الثقة أو الثقات عن رجل ليست تعديلاً له، ومن ادعى أنها تعديل فقد أخطأ خطأً بيناً بعيداً. وربما استدل بعضهم بنحو قول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1|1|36): «سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة [أي لم يثبت أنه ثقة] مما يقويه؟ قال: إذا كان معروفاً بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولاً نفعه رواية الثقة عنه». وقال ابن أبي حاتم هناك أيضاً: «سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه؟ قال: إي لعمري، قلت: الكلبي روى عنه الثوري! قال: إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه». وأقول: لا يستقيم حمل هذا الكلام على ظاهره فلم يزل الأئمة، ومنهم الرازيان، يجهّلون الرواة الذين لا يعرفون بضعف ولا قوة ولو روى عنهم جمع من الرواة. قال السخاوي في "فتح المغيث" (1|319) بعد كلام له: «على أن قول أبي حاتم في الرجل أنه "مجهول" لا يريد به أنه لم يرو عنه سوى واحد، بدليل أنه قال في داود بن يزيد الثقفي: "مجهول" مع أنه قد روى عنه جماعة. ولذا قال الذهبي عقبه: "هذا القول يوضح لك أن الرجل قد يكون مجهولاً عند أبي حاتم، ولو روى عنه جماعة ثقات"، يعني أنه مجهول الحال. وقد قال في عبد الرحيم بن كرم بعد أن عرَّفه برواية جماعة عنه أنه "مجهول". ونحوه قوله في زياد بن جارية التميمي الدمشقي: "شيخ مجهول"، مع أنه قيل في زياد هذا أنه صحابي». وقد قال أبو حاتم: "مجهول" في راوٍ روى عنه تسعة ووثقه ابن معين، انظر ترجمته في تحرير التقريب (2|125)، وانظر أيضاً التحرير (3|10-11 و45 و310 و315 و336) وترجمة عيسى بن أبي رزين منه. وانظر تراجم أحمد بن عاصم البلخي وبيان بن عمرو والحسين بن الحسن بن بشار والحكم بن عبد الله وعباس بن الحسين القنطري ومحمد بن الحكم المروزي في الفصل التاسع من "مقدمة الفتح"، وانظر "الجرح والتعديل" (1|2|527) و"تهذيب التهذيب" (2|255) و"نكت ابن حجر" (1|426).

وخلاصة الكلام وغايته أن كلمتي أبي حاتم وأبي زرعة لا تحملان على إطلاقهما، فلعلهما أرادا برواية الثقات رواية الأئمة النقاد أو رواية متثبتي الرواة، ولعلهما كانا مع ذلك يشترطان في الرجل شروطاً مثل أن لا يغرب أو يتفرد بما لا يحتمله شأنه ونحو ذلك. وسواء صح هذا أو لم يصح، فإن الصحيح الذي أقطع به هو أن كلام الرازيين هذا من المتشابه الذي ينبغي أن يرد إلى المحكم المعروف الذي جرى عليه عملهما في كلامهما في الرواة، وما أكثره، ويؤيده أيضاً ما جرى عليه عمل المحققين من المحدثين، والله أعلم. انتهى.

موقف البخاري ومسلم من الرواية عن مجاهيل

مذاهب العلماء في حديث المستور

أمثلة على المستورين في الصحيحين

توثيق المجهول عند الحنفية

المتأمل في كتب أصول الفقه يجد إصراراً على نسبة مذهب توثيق المجهول إلى أبي حنيفة دون غيره من الأئمة الأربعة. وقد امتد هذا الاتهام إلى كتب الفقه بل إلى كتب مصطلح الحديث كذلك. فماذا يقول الحنفية أنفسهم في هذا الصدد؟

قال ابن همام: «ومثله أي الفاسق المستور، وهو من لم تعرف عدالته ولا فسقه في الصحيح. فخبره ليس بحجة حتى تظهر عدالته. وروى الحسن عن أبي حنيفة: كالعدل في الأخبار بنجاسة الماء وطهارته ورواية الأخبار».  ثم قال: «مجهول الحال –وهو المستور– غير مقبول. وعن أبي حنيفة في غير الظاهر من الرواية عنه قبوله ما لم يره السلف. وجهها –أي هذه الرواية– ظهور العدالة بالتزامه الإسلام... ودفع وجهها بأن الغالب أظهر وهو الفسق في هذه الأزمنة، فيُرَدُّ خبره به –أي بهذا الغالب– ما لم تثبت العدالة نغير التزامه بالإسلام. وقد ينفصل القائل بهذه الرواية بأن الغلبة للفسق في غير رواة الحديث، ولا سيما في الماضين. ويُدفع هذا بأن كون الغلبة في غير رواة الحديث، إنما هو في المعروفين منهم لا في المجهولين منهم. والاستدلال لظاهر الرواية بأن الفسق سبب التثبت قال تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}. فإذا انتفى الفسق، انتفى وجوب التثبت. وانتفاؤه –أي الفسق– لا يتحقق إلا بالتزكية: ما لم ينتف الفسق، تبقى شبهته، وهي ملحقة بأصلها. وجعل الشارع الاستدلال لغير ظاهر الرواية ولا معنى له كما لا يخفى انتهى. انظر تيسير التحرير لأمير بادشاه (3|48).

فالإمام أبو حنيفة في ظاهر الرواية يذهب مذهب الجمهور (في رد رواية المستور أن العدالة ليست الأصل)، والرواية الأخرى مرجوحة. ومعلوم أنه إذا جاءت عن أبي حنيفة روايتان إحداهما في ظاهر الرواية والأخرى من طريق أخرى، كانت طريق ظاهر الرواية هي المعتبرة عند الحنفية. ولذلك عاب أمير بادشاه الاستدلال لغير ظاهر الرواية، فقال: «لا معنى له». على أن كثيرا من الحنفية يقتصر على ذكر الرواية المرجوحة. انظر على سبيل المثال كشف الأسرار على البزدوي (2|386).
 

سكوت البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم عن الراوي

ولعل البعض يسأل: لماذا سكت البخاري عن عامة الرواة في كتابه؟ يقول عداب الحمش في رسالته "حكم رواة الحديث الذين سكت عنهم أئمة الجرح والتعديل": «إن الناظر في كتاب التاريخ الكبير للبخاري –اليوم–  يجده قليل الجدوى بالنسبة للحكم على الرجال، إذا ما قورن بميزان الاعتدال أو تهذيب التهذيب، أو التقريب وغيرها. وما ذلك إلا لأن طلبة العلم اليوم يستقون معلوماتهم عن الرجال والرواة من خلال ما دون وكتب، بينما كان طلبة العلم في عصر البخاري يعتمدون في معرفة أحوال الرجال على المشافهة والسماع. وما حفظوه في الحل والترحال، ولم يكن الكتاب إلا لإثارة الذاكرة واستيقاظها إذا غفلت».

1.  فقد يسكت عن أئمة الثقات حيث ترجم للإمام الشافعي (1|42) بسطرين وسكت عليه كما سكت عن الإمام أحمد بن حنبل (1|22)، وأحمد بن أشكاب وأحمد بن منيع وغيرهم.

2.  وقد يسكت عن أناس مشهورين بالضعف أو النكارة كسكوته عن محمد بن أشعث بن قيس الكندي (1|26)، ومحمد بن إبراهيم اليشكري وغيرهما.

3.  وقد يسكت عن أناس مجاهيل كسكوته عن: محمد بن إسماعيل الباهلي (1|23) ومحمد بن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي (1|26). وإبراهيم بن إسحاق (2|273) عن الوليد بن أبي الوليد، وإبراهيم بن إسحاق عن طلحة بن كيسان وغيرهم.

أما مقولة البخاري: «قَلَّ اسمٌ في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب»، كما في تاريخ بغداد (2|7)، فهي على الغالب. وقوله "قلّ" أي أن بعض الرواة لم يعرف البخاري فيهم قصة، بل هو أحياناً غير متأكد من أعيانهم.

1.  ترجم البخاري لمحمد بن قيس الأسدي الكوفي (1|210)، وذكر عنه عدة طرق ثم قال: «وقال يحي بن آدم: حدثنا أبو بكر النهشلي عن محمد بن قيس عن حبيب عن أبي ثابت عن طاووس في العتق». ثم قال: «فلا أدري هو الأسدي أم لا؟».

2.  وترجم لمحمد بن قيس (1|213) عن أبي الحكم البجلي ثم ترجم لمحمد بن قيس المكي وختم ترجمته بقوله: «فلا أدري أهو الأول أم لا».

3.  وترجم لمحمد بن كليب بن جابر المديني (1|219) يروي عن محمود ومحمد ابني جابر. ثم قال: «وعن موسى بن شيبة عن محمود بن كليب عن محمد بن جابر عن جابر...»، ثم قال: «فلا أدري: هذا أخوه أم لا؟».

4.  وترجم لإبراهيم بن حنظلة (1|283) عن أبيه روى عنه ابن المبارك. ثم قال في نهاية ترجمته «إن لم يكن يعني إبراهيم بن حنظلة غبن أبي سفيان فلا أدري من هو؟».

5.  وترجم لإسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي (1|339) ثم ترجم لإسماعيل بن إبراهيم بن أبي ربيعة. وختم ترجمته بقوله: «إن لم يكن هذا الأول فلا أدري؟».

قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2|38): «ولم نَحكِ عن قومٍ قد تكلموا في ذلك، لقِلة معرفتهم به. ونسبنا كل حكاية إلى حاكيها والجواب إلى صاحبه. ونظرنا في اختلاف أقوال الأئمة في المسئولين عنهم، فحذفنا تناقض قول كل واحد منهم، وألحقنا بكل مسئولٍ عنه ما لاقٍ به وأشبه من جوابهم. على أنا قد ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روى عنه العلم رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم. فنحن ملحقوها بهم من بعد». ولذلك قال ابن القطان الفاسي كما في "الوهم والإيهام" (2|135): «ونبيِّن الآن أن أبا محمد بن أبي حاتم إنما أهمل هؤلاء من الجرح والتعديل، لأنه لم يعرف فيهم (حُكماً)، فهم عنده مجهولو الحال». وقد كتب أسمائهم فقط ليستوعب كل رواة الحديث وعلى أمل أن يتعرف (هو أو غيره) على شيء من حالهم، فيلحق هذا الجرح والتعديل بتراجمهم.

مع التنبيه إلى أن هناك فرقاً بين من نص عليه بأنه مجهول (قريب من الألف وخمسمئة راوٍ)، وبين من سكت عنه. فمن سكت عنه، فهو مجهول الحال عنده، لكنه ما يزال يرجو وجود الجرح والتعديل فيه، بخلاف من أطلق عليه الجهالة. وليس المقصود هنا هو هل يحتج بمثل هذا الراوي أو لا، وإنما المقصود هو وجود فرق بين من جهله وبين من سكت عنه ولم يذكر فيه شيء، وأن الثاني أحسن حالاً من الأول.

وقول ابن أبي حاتم: «ولم نَحكِ عن قومٍ قد تكلموا في ذلك، لقِلة معرفتهم به» دليلٌ على رفض توثيق من يوثق المجاهيل. فإذا قال أحد –كالعجلي مثلاً– عن  أحد التابعين أنه ثقة، ولم يسبقه أحدٌ لذلك ولا كان حكمه عن معرفة بالراوي، حذفنا توثيقه ولم نهتم به، لأنه توثيق لمجهول، لا يعرف ابن حبان عنه شيئاً.

وقول ابن أبي حاتم: «ونظرنا في اختلاف أقوال الأئمة في المسئولين عنهم، فحذفنا تناقض قول كل واحد منهم، وألحقنا بكل مسئولٍ عنه ما لاق به وأشبه من جوابهم» معناه أنه كان يختار للراوي من هذه الأقوال الكثيرة فيه ما هو الأليق بحاله، حتى وإن نسب هذا القول لأبيه أو أبي زرعة أو غيرهما. ولذلك تجد ممن نقل عنهم الجرح أو التعديل واستدل بكلامهم رجال ضعفاء، أو ليس فيهم جرحاً ولا تعديلاً. وبلغ عدد كل من ذكر عنهم ابن أبي حاتم جرحاً أو تعديلاً 344 رجلاً. وفي القول السابق فائدة نظرية أنه عندما تختلف الروايات عن ابن معين –مثلاً– ننظر إلى الرواية التي أوردها ابن أبي حاتم، فنرجحها على الرواية الأخرى. على أني وجدته أحياناً يرجح رواية الدارمي القديمة على رواية الدوري الراجحة (انظر ترجمة الجراح بن مليح).