جهاد الأئمة الأربعة

هل صحيح أن الأئمة الأربعة لا يعرف لهم جهاد كما زعم البعض؟

والجواب أن الإمام الشافعي رابط في ثغر الاسكندرية كما ذكر ذلك البيهقي في مناقبه. وأظن أن ابن أبي حاتم ذكره ايضا في مناقبه كذلك. رابط رحمه الله ومعه تلميذه الربيع المرادي، وذكر من عبادته وقراءته للقرآن مستقبل البحر شيئا كثيرا. قال الربيع: وكان يصلى الخمس ثم يخرج الى المحرس -قبالة البحر- ثم يقرأ القرآن، وأحصيت له ستين ختمة في رمضان. وقد بوب البيهقي في مناقبه (2|127) بابا بعنوان "ما يستدل به على معرفة الشافعي -رحمه الله- بالرمي والفروسية" وذكر فيه بسنده عن الربيع بن سليمان قوله: كان الشافعي أفرس خلق الله وأشجعه, وكان يأخذ بأذنه وأذن الفرس, والفرس يعدو, فيثب على ظهره والفرس يعدو.

والإمام أحمد كان يرابط في ثغر طرسوس (تركيا حاليا) وكان أهل ذلك البلد يسئلونه مسائل كثيرة تجدها في كتب الحنابلة. بل إن كثيراً من أصحاب أحمد من طرسوس وغيرها لا يُعرفون، نقلوا مسائل كثيرة عن الإمام أحمد. وكان السلطان العباسي يأخذ بالمذهب الحنفي الكوفي، لكن أهل الشام وأهل الحديث كانوا ينفرون من المذهب الحنفي، فالإمام إحمد كان يبين لهم ماذا عليهم إذا خالف فتوى الائمة فتاوهم.

أبو حنيفة لم يخرج للجهاد، إذ لم تكن في عصره فتوحات، حيث كان وضع اضطراب وثورات في آخر العهد الأموي وأول العهد العباسي، وكان يرى هؤلاء الحكام ظلمة ويفتي بالخروج عليهم، فكيف يخرج معهم؟!

لكن صاحباه خرجا للجهاد، وكان أبو يوسف يخرج مع الرشيد في غزواته. وللعلم فمن أسباب انحراف أهل الشام عن مذهب أبي حنيفة أنه ألّف كتابا في السير مخالفا لما هم عليه، فرد عليه إمامهم الأوزاعي في كتاب مشهور (والأوزاعي صاحب جهاد ورباط)، ثم عندما صار أبو يوسف قاضي القضاة ألّف كتاب "الرد على سير الأوزاعي"، ثم إن الإمام الشافعي بعد زمن رد على كتاب أبي يوسف. وهذا كله يدل على اهتمامهم الشديد بالجهاد وتأليفهم الكتب فيه، وتواصلهم المستمر مع المجاهدين.

مع العلم أن الجهاد كان فرض كفاية ولم يكن متعينا كما هو اليوم ، بل كان العلم ونشره مقدما على القتال. فأي ظلم أن نتهم أئمة الإسلام بتقصيرهم عن الجهاد؟